أسماء وصور وشخصيات بارزة

مشرف عام

[b]صادفت قبل مدة رجلاً من نوع (النكرة)، ويتوهم، مع ذلك، أنه (معرفة).. وأنه شبيه بصخر شقيق الخنساء التي زعمت أن الهداة يأتمّون به! وأنه عَلَم في رأسه نار! وأنه، كالمتنبي، نائم ملء جفونه عن شوارد هذه الحياة، بينما نحن البشر العاديين ساهرون متخاصمون فيما بيننا حول شخصيته الإشكالية العامرة بالإبداع والمعرفة والألمعية!
ونتيجة لهذه القناعة الراسخة بأهمية اسمه فإنه يحرد ويوشك أن يضرب رأسه بأقرب جدار إذا ما ذكره أحد ما بصفته المهنية ولم يذكر اسمه الصريح العَلَم! وبقليل من التفكير، أو دونما تفكير على الإطلاق، يسارع إلى شن حملة كاسحة على الكاتب الذي ارتكب هذا الخطأ، أو هذه الحماقة! ويردح له مثلما تردح الفلاحة المصرية لمن داس لها على طرف، وهي (تشوبر) بأصابع يديها وفمها يلغلغ بكلمات مجانية، كقولها على سبيل المثل: اسمع يا دلعدي، الله الله عالجد والجد الله الله عليه.. إلخ.
هذا الرجل العجيب ذكرني بمرشح بلدنا المستقل لمجلس الشعب السيد (عبدو مصطفى قيطانة) الذي لصق ما يزيد على عشرة آلاف نسخة على حيطان مدينتنا.. وعلى أعمدة الكهرباء والهاتف ومقويات الخليوي الذي يأخذ أصحابُه من كل نفر في هذا البلد المعطاء مبلغ أربعمئة وخمسين ليرة شهرياً، سواء أفتح هذا النفر فمه وحكى (تبوجق) في جواله، أم بقي ساكتاً مستفيداً من حكمة القرد الصيني الناجعة، المجربة!
ولأن عبدو مصطفى قيطانة كان مشغولاً بحسابات الأصوات التي يمكن أن يحصل عليها، والأصوات التي يمكن أن تُحْجَبَ عنه، والأضواء الخضراء التي يجب أن يحصل عليها من فوق ومن تحت، والصناديق التي تأتي بعد الانتخابات وتسمى الصناديق الجوالة وتحتوي على ما يشبه بيضة القبان من الأصوات التي توضع في صحيفة الراسب فينجح، وتُحْجَبُ عن الناجح فيرسب،.. فقد عهد بتوزيع صوره (الديجتال) إلى مجموعة من الفتيان الداشرين في الشوارع والأزقة،.. وقد أخذ بعضُهم المسألةَ على وجه الجِد فلصقوها حيث يجب أن تُلصق في أماكن مناسبة ومحترمة، وأخذ بعضُهم الآخرُ المسألةَ على محمل الهزل فلصقوها على إشارات (ممنوع الاتجاه) التي زرعتها اللجنة المرورية في أماكن خاطئة خصيصاً لكي تعطل السير وتربكه،.. وعلى الصاج الخاص بالخبز بفليفلة والفطائر بزعتر، وعلى الدرَجات المائلة التي توضع على الأرصفة لكي تمرر من فوقها الموتوسيكلات، وعلى سحاحير البندورة والكوسا والقرع اليقطين الذي يسميه أهل اللاذقية (الخفيف)، ويقول أصحابُ الدعابة منهم في الدعاء: (يا لطيف تجعل الكوسا خفيف!)،.. وعلى أبواب الأماكن المخصصة للإطراح في الكاراجات والاستراحات المنتشرة على الطرقات العامة!
وكان صاحبنا (عبدو مصطفى قيطانة) قد كتب في أعلى الصورة بالقلم الشنيار الأسود عبارة (انتخبوا مرشحكم المستقل عبدو مصطفى قيطانة)، وكتب تحت الصورة بالقلم الأخضر عبارة (أبو اصطيف)! ومما لا شك فيه أن لدى عبدو اعتقاداً جازماً بأن هذا التوضيح سيرفع نسبة الأصوات التي سيحصل عليها منا نحن الناخبين، وأن معدل أصواته سيتضاعف، فهو (أبو اصطيف)،.. مو ضحكة لعبة!
لو كان الموضوع الأساسي لهذا المقرأ هو الحديث عن الانتخابات لرويت لكم من القصص الغريبة العجيبة ما تشيب له رؤوسكم، ولكنني أوثر أن يبقى شعر رؤوسكم على ما هو عليه من أسود وأشقر وخرنوبي وكستنائي..، لذا سأكتفي من موضوعة الانتخابات بمثالين صغيرين، الأول لافتة قماشية عليها دعاية لأحد المرشحين مقدمة من ذويه تنص بالحرف الواحد على ما يلي: آل (...) يضعون ولدهم البار فلاناً الفلاني أمانة بين أيديكم! (هذا المثال سأتركه دون تعليق!)
والمثال الثاني عن مرشح كتب تحت صورته عبارة (هذا أنا والحكم لكم)!
أنا، أخاكم الأصغر، وأقسم على ذلك بشرفي، كلما شاهدت إحدى صور هذا المرشح أتذكر المكان الموحش الذي يوجد فيه قبر أبي العلاء المعري وبيت الشعر الرهيب المكتوب على شاهدة القبر ويقول:
هذا جناهُ أبي علـيَّ
وما جنيتُ على أحدْ!

يتبع..

خطيب بدلة

[/size][/b]