READZ
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الحوار المتحضر الاسماعيلي
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
المواضيع الأخيرة
» شرح قصائد كتاب الثالث الثانوي الجديد
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 24, 2017 6:49 pm من طرف أبو سومر

» بكالوريا لغة عربية
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالخميس أكتوبر 19, 2017 5:11 am من طرف أبو سومر

» المشتقات في قصائد الصف التاسع للفصل الثاني
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 18, 2017 7:21 am من طرف أبو سومر

» المشتقات في قصائد الصف التاسع للفصلين الأول والثاني
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 16, 2017 4:23 am من طرف أبو سومر

» المفعول فيه تاسع
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالسبت سبتمبر 30, 2017 9:38 pm من طرف أبو سومر

» أسئلة الاجتماعيات تاسع 2017لكل المحافظات
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالسبت مايو 13, 2017 11:46 pm من طرف أبو سومر

» بكالوريا لغة انجليزية
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالأربعاء مايو 10, 2017 9:49 pm من طرف أبو سومر

» بكالوريا علمي أحياء
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالأربعاء مايو 10, 2017 7:23 pm من طرف أبو سومر

» تاسع لغة عربية توقعات
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالثلاثاء مايو 09, 2017 7:37 am من طرف أبو سومر

» تاسع فيزياء وكيمياء نماذج امتحانية
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالثلاثاء مايو 09, 2017 1:12 am من طرف أبو سومر

» تاسع تربية وطنية نماذج امتحانية
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالإثنين مايو 08, 2017 9:12 pm من طرف أبو سومر

» تاسع رياضيات هام
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالإثنين مايو 08, 2017 8:18 pm من طرف أبو سومر

» السادس لغة عربية
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالإثنين مايو 08, 2017 4:12 am من طرف أبو سومر

» بكالوريا علمي كيمياء
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالأحد مايو 07, 2017 10:54 pm من طرف أبو سومر

» عاشر لغة انجليزية
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالأحد مايو 07, 2017 5:58 pm من طرف أبو سومر

المواقع الرسمية الاسماعيلية
مواقع غير رسمية
مواقع ننصح بها

 

 احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
مهند أحمد اسماعيل
عضو مخضرم
عضو مخضرم
مهند أحمد اسماعيل



احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية   احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 11, 2009 6:42 pm

موجز

تستند المحاضرة على التاريخ البريطاني والمسلم لاستكشاف عواقب التعصب الديني والثقافي في المجتمعات وتبحث عن طرق يمكن من خلالها تجاوز هذا النوع من التعصب. يستحضر البروفسور نانجي الطبيعة التعددية للتراث الثقافي للجماعات المختلفة من خلال الأمثلة من العمارة والأدب والتاريخ ويتحدى فكرة الثقافة الصافية أو النقية. تختم المحاضرة بنقاش احتمالات التعددية الثقافية في العصور الحديثة و تعرِف بالحاجات لتنسج على أساسها المعرفة والدراسة بغض النظر عن مصدرها.
مقدمة


إنه مصدر سعادة دائم أن آتي إلى مدينة هي موقع تراث العالم. عندما آتي إلى باث أحاول أن أتوقف في الكنيسة. إن الجاذبية بالنسبة لي ليست فقط بعمارتها الرائعة والصور الزجاجية الملونة المدهشة بالداخل، بل يوجد أيضاً تقارب بالعمارة والتصميم عبر الثقافات من المحتمل أن لا يلاحظه الناس أو لا يدركونه. فقد تأثر التقليد الرومانيسكي، والتقليد الفرنسي الذي دخل بريطانيا جزئياً من خلال الاحتلال النورماندي، تأثرا إلى حد كبير بما حدث في اسبانيا المسلمة، متبنياً ومزيناً فضلاً عن ذلك بعض سمات العمارة والتصميم التي نشأت هناك. فأولئك الذين زاروا الأندلس منكم يعرفون أن أحد الأشياء الصحيحة التي فعلها الناس المهتمون بما يعرف في التاريخ المسيحي في العصر الوسيط بأنه إعادة الاحتلال ومحكمة التفتيش الدينية لم يكن ليدمر المعالم المعمارية البارزة لغرناطة. برغم أنه لم يعد هناك وجود للمسلمين في اسبانيا، فقد تركت أبنيتهم لتذكرنا بزمن سأعود إليه لاحقاً.

التسامح والتعصب : دروس من التاريخ البريطاني

إن أولئك المطلعين منكم على تاريخ الكنيسة في عقد الثلاثينات من القرن السادس عشر سيذكرون أن، هنري الثامن، أمر بالقضاء على هوية البناء الكاثوليكية، كجزء من تدمير الأديرة، وقد دمر معظم الدير واتخذ البناء شكلاً مختلفاً. لقد رغبت أن أضع أمامكم تلك الفترة التاريخية لأن البناء بقي وظل محتفظاً بأهميته الروحية والتعبدية. ومع ذلك من الجدير بالأهمية ذكره، أن التقاليد يمكن أن تمر بمرحلة من الأزمات، وفي ظروف كارثية من هذا النوع ، تتعرض إلى فقدان المنظور لما يغذي تلك التقاليد تاريخياً. في حالة الفترة التي أعقبت هنري الثامن، نرى كيف كان هناك صراع طويل بين البروتستانت والكاثوليك في بريطانيا وكل مكان.

أشير إلى تلك الحادثة لأن فهماً متزايداً لتلك الحادثة ولماذا حدثت، وبالتالي كيف يمكن للفرد أن يتجاوز فترة من التعصب، هذا الفهم هو أحد الدروس العظيمة التي نحتاج أن نستخلصها من التجربة البريطانية. نحتاج أن نتعلم ليس فقط ما يفعله التعصب لمجتمع ما بل كيف يستطيع المجتمع أيضاً أن يتدبر لاحقاً تجاوز زمن التعصب ويخلق مناخاً أكثر تمكيناً يمكن من خلاله تجاوز الفروق التاريخية. تلك تجربة مر بها هذا البلد على مدى فترة طويلة من الزمن وأعتقد أنها تجربة علينا أن نتذكرها. إن خصوصيات تلك التجربة والتعلم المتراكم الذي استخلص منها هو درس للعديد من التقاليد الدينية الأخرى بينما هم يدرسون فترات تحولاتهم الخاصة.

الإشارة التاريخية الثانية التي أود القيام بها هي أن وليام ويلبرفورس كان قادراً منذ حوالي مئتي عام على الدفع من خلال جرس البرلمان من أجل إلغاء تجارة الرقيق. كانت هذه فترة حين كانت مجموعة ضخمة من الجنس البشري ليس فقط في المجتمعات الأوربية والأمريكية بل في المجتمعات المسلمة أيضاً تُعامل كسلعة. إن أحد نتائج التعصب هي أننا نجرد البشر من إنسانيتهم. وقد نقلل من اعتبارنا لمجموعة معينة من البشر، أو نذهب أبعد من ذلك و لا نعتبرهم بشراً وبالتالي لا ينالون الاحترام والكرامة بصفتهم بشراً.

باعتباري عشت أمريكا، أشعر بأن هذه الفترة من الانقسام و سيطرة النزعة العرقية لم يكن من السهولة بمكان أن يتجاوزها الكثير من الأمريكيين، وبعض نتائجها مازالت موجودة. ومن المهم أن تذكر الأزمنة من هذا النوع لأنها سجلت مرحلة حين أوجدت مستويات من التعصب خلقت بعض اللحظات الأشد ظلمة في تاريخنا.

التسامح والتعصب: أمثلة من التاريخ الإسلامي

بعد الحديث عن تطورين بما هو أساساً التاريخ البريطاني، أود الانتقال إلى العالم الإسلامي. سأقتبس قصة مشتركة بين التقاليد الدينية الكثيرة. وهذه هي قصة بعض الحكماء الذين جلسوا حول الساحة في أمسية صيفية لطيفة، يقومون بما يقوم به الحكماء- يتبادلون مواقف الحكمة الجريئة ويحاولون في الوقت نفسه حل مشاكل العالم! وبينما هم جالسون على هذا المقعد يرون امرأة شابة تمشي أمامهم، جيئة وذهاباً ومن الواضح أنها تبحث عن شيء ما أضاعته. وفي النهاية سألوها عما تبحث، أجابت،" إنه قرط". سألوها: أتعرفين بالضبط أين أضعته" ؟. أجابت: لا،" لا أعرف أين أضعته". سألها الحكماء حائرين في إجابتها،" لماذا تبحثين جيئة وذهاباً في هذا المكان فقط؟" فقالت" لأنه المكان الوحيد حيث يوجد عمود عليه قنديل إضاءة"

أنا مهتم وقلق، كما هو حال العديد من زملائي، لأنه عندما ينظر الإنسان إلى العالم الإسلامي اليوم، فإنه يميل إلى التركيز على ما يحدث تحت "ضوء" واحد. إننا نميل لرؤية جميع القضايا التي يواجهها العالم الإسلامي، وجميع الأزمات التي يعاني منها، كأنها أضيئت ’بمصباح‘ واحد، أكثر من رؤيتها في سياق أوسع لإطارها التاريخي.

نحن الآن في القرن الخامس عشر وفقاً للتقويم الإسلامي. وعندما كنت في الكنيسة تذكرت أن البناء الحالي أعيد بناءه عام 1499. فلو كان على الإنسان أن يحكم على (أحداث) التاريخ البريطاني من حيث التسامح والتعصب من الفترة التي تؤرخ من 1500إلى 1600 فستكون قراءة حزينة إلى حدٍ كبير. إنها فترة من النزاع العنيف وفترة من التعصب الديني الشديد وفترة من الاضطهاد. سيكون من الخطأ النظر إلى التاريخ الإسلامي ببساطة من خلال المنظور أو ’المصباح‘ الحالي ورؤية الأحداث الجارية الآن على أنها تمثل الدين الإسلامي بكامله- كما ينظر إلى التاريخ البريطاني من حيث الأحداث مابين 1500-1600. بالتأكيد يمر المسلمون الآن بزمن عصيب جداً وتوجد تعبيرات التعصب وتعبيرات الحرب الضروس والنزاع الأهلي. لكن هذا ليس الصورة الكاملة للمسلمين التي أود أن أضعها أمامكم.

إن أحد الطرق لوضع كل هذا في منظور تاريخي هو السؤال فيما إذا يوجد في التاريخ والتجربة الإسلاميين دوافع تعبر عن رغبتنا الحالية في التسامح والتعددية وقيمة التنوع. فإذا وجدت الدوافع من هذا النوع لكنها فقدت فعلينا السؤال كيف يمكن استكشافها. إن السؤال هام، ليس بالنسبة للمسلمين فقط، لأن المسلمين لا يعيشون في عزلة عن الآخرين. إنهم يعيشون في سياق مجتمعات كثيرة هم جزء منها وما يقومون به وما يحدث في العالم الإسلامي يؤثر علينا جميعاً.ً لذلك أود أن أقدم حجة من أجل البحث في المواد والخبرات والمنظورات التاريخية الأساسية ضمن التقاليد الإسلامية لأسأل فيما إذا كان هناك لغة وتجربة بكيفية التعامل مع التعصب. أود أن أبدأ تحديداً بالنظر إلى تجربة النبي محمد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
عضو مخضرم
عضو مخضرم
مهند أحمد اسماعيل



احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية   احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 11, 2009 6:47 pm

النبي محمد في المدينة

ولد في مجتمع مغلق نسبياً حيث كان قبلياً جداً من ناحية ومن ناحية أخرى قد بدأ يصبح بمعنى ما مجتمعاً عالمياً تماماً. لقد كانت بلدة مكة حيث ولد طريقاً تجارياً كان له تأثيرات عالمية هامة. لقد كان عمل النبي الأساسي الأول كتاجر، يعمل لدى سيدة أعمال رائدة في البلدة وفي النهاية تزوج منها. للأسف، لم تذكر المجتمعات الإسلامية اليوم هذه الحقيقة إلى حد كاف، لكن عندما أتحدث إلى جماهير مسلمة أود ان أذكرهم بأن أول عمل قام به النبي قدمته له امرأة. ليس مجرد امرأة كانت سيدة أعمال غنية ومساهمة في المجتمع حيث عاشت، بل امرأة أعجبت بعمله واحترمته إلى حد أنها طلبت منه الزواج. وفي السياق لبعض الطرق التي يفهم ويمارس من خلالها التعصب في العالم الإسلامي التعصب ضد المرأة، فهذه نقطة هامة لنتذكرها.

واجه النبي صعوبات رئيسية حين بدأ بتبليغ الوحي الذي أنزل عليه مثل سائر الأنبياء العظماء في مأثور الكتاب المقدس. فما أن بدأ النبي تبليغ رسالته، حتى اصطدم بمشاكل، لأنه كان يتحدى قوانين مجتمعه؛ كان يتحدى قيم تقليد تمسك به العرب على أنه مقدس إلى أبعد حد، لأنه انتقل إليهم من خلال قادتهم ومن خلال أجدادهم لمئات السنين. بتحديه لذلك التقليد رأوه كمتآمر؛ ويتنكر لأصوله القبلية. هذا بالضبط ما قصد النبي القيام به. لم يكن يجادل لإحياء التقليد العربي أو القيم العربية. بل في الواقع كان يتحدى نظام تلك القيم والتقاليد لمجتمع دعم ذلك النظام.

في النهاية، قبل عدد قليل دعوته. بالنتيجة، عانوا من الاضطهاد. وللتخلص من الاضطهاد، غادرت الجماعة المسلمة المبكرة شبه الجزيرة العربية، - ومن الأهمية بمكان - إلى المكان حيث بحثوا عن ملاذ وقد كان في مملكة مسيحية، في الحبشة، وهي بالطبع أثيوبيا اليوم. استقبلهم ملك البلد المسيحي، ثم استقبل فيما بعد بعثة من مكة أرادت منه أن يعيد اللاجئين المسلمين إلى الجزيرة العربية لكي تتم معاقبتهم. سأل الملك المسلمين أن يعبروا عن أنفسهم قائلاً: ما السبب الذي يمكن أن تقدموه لي كي لا أعيدكم إلى بلدكم وأهلكم ليعاقبوكم بصفتكم متآمرين." عبروا عما علمهم إياه النبي. يقال بأن الإمبراطور رسم خطاً على الرمل بعصاه وقال، ما يفرق معتقداتكم عن معتقداتي هو فرق دقيق كهذا الخط الدقيق." أعتقد بأن هذه هي التجربة الرئيسية الأولى للتسامح الصادرة عن امبرطور مسيحي تجاه الجماعة المسلمة الفتية في الحبشة، وهو الذي أقرالمبادئ المشتركة بين الديانتين الإسلام والمسيحية.

وبالتدرج فإن أحوالاً أكثر ملاءمة خلقت بيئة حيث ازدهر الإسلام وازداد عدد المسلمين. في النهاية، أسس النبي مجتمعاً في المدينة وليس في مكة التي واجه فيها مناهضة كبيرة. إن بناء المجتمع كان يعني أن على النبي أن يأخذ بالحسبان المشكلة الأكثر أهمية في المدينة وهي العلاقات بين الجماعات الدينية المختلفة. فقد كان اليهود والمسيحيون موجودين في المدينة إلى جانب المسلمين. كانت هذه جماعات عريقة وكان على النبي أن يقرر نوعية العلاقة بين الجماعة المسلمة الجديدة وهذه الجماعات الدينية القديمة. ونتاجاً لخبرتهم، فقد نمت لغة ومفردات بين المسلمين تتحدث لغة التسامح.

أحد الأسباب لرغبتي في إثارة هذا هو أنه عندما تولد الأديان وتتطور، يكون اتجاه الدين الجديد هو إزاحة الأديان الأخرى أو إدراكها. هنا لدينا حدث بارز في التاريخ حيث جاهد النبي من أجل قيمة التسامح ومُثُلها. لدينا وثيقة بذلك بقيت منذ ذلك الزمن. غالباً مايطلق عليها دستور المدينة. إنها ليست دستوراً بحد ذاتها بل سلسلة من الاتفاقات بين اليهود والمسيحيين والمسلمين وتلح على ثلاث أشياء هامة.

أولاً، اعتبرت الجماعات الثلاث جميعها جزءاً من أمة أعظم. لذلك لم ينظر إلى المسيحيين واليهود باعتبارهم منفصلين عن الأمة الأعظم التي أوجدها النبي. بل اعتبر اليهود والمسيحيون بأنهم أهل الكتاب- أولئك الذين آمنوا بالوحي الإلهي الخاص بهم والمحفوظ وحفظوه في كتبهم المقدسة وهي مقدسة إلى أبعد حد عندهم باعتبارها جزءاً من تاريخهم وممارستهم الدينية. ثانياً، لم يتدخل المسلمون بهذه التقاليد بل سمحوا لتلك الجماعات بالاحتفاظ بتقاليدهم للممارسة الدينية وهويتهم الدينية المستقلة. فلن تتعرض أماكنهم المقدسة للعنف ويسمح لقادتهم بممارسة سلطتهم ضمن هذا الإطار. وثالثاً، بالمقابل لن يهاجم اليهود والمسيحيون بتعصب ولا يسعون إلى تقويض السلطة الإسلامية أثناء تطورها.

لقد كتبت هذه الشروط في اتفاقية وأصبحت الطريقة المحددة لحكم علاقات المسلمين مع الأديان الأخرى عبر القرون. لم يعش المسلمون دائماً وفقاً لهذه المثل ولم ينجحوا دوماً في ترجمة هذه القيم إلى ممارسة. أحياناً كانوا يحاربون ضد الجماعات الدينية الأخرى ويضعفون الجماعات الدينية الأخرى. لكن على العموم كانت تلك المبادئ هي المبادئ التي حكمت العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين حين كان المسلمون يشكلون الأغلبية أو عندما حكم المسلمون غير المسلمين. وفعلاً فيما نما العالم الإسلامي وأصبح مع الزمن إمبراطورية أو سلسلة من الإمبراطوريات، استمر اليهود والمسيحيون بالقيام بدور هام في الحياة الفكرية والاقتصادية والاجتماعية لهذه المجتمعات.

إننا نرى ذلك الدور عبر أنحاء عديدة من العالم الإسلامي. إن أولئك الذين سافروا منكم كثيراً في الشرق الأوسط قد يعرفون أن هناك جماعات يهودية ومسيحية نابضة بالحياة لأمد طويل في تلك الأنحاء من العالم الإسلامي. إذ كان في المغرب جماعة يهودية مزدهرة بل ساهمت في المغرب على مدى قرون- وبعد ذلك هاجروا إلى إسرائيل. يوجد حضور مسيحي قوي في سورية وبالطبع في فلسطين. هذه المقدرة عند المسيحيين واليهود والمسلمين أن يعيشوا معاً في سياق حضاري أوسع هي ما دعاه باحث ما في إشارة خاصة للأندلس بفترة حسن التعايش.

ويمكن أن تصبح مبادئ وممارسات مبدأ التسامح والمساهمات المتبادلة من هذا النوع راسخة في مجتمع ما حين يُقر ويُؤثِر الكتاب المقدس وتفسير ذلك التقليد فكرة التعددية الدينية. القرآن نفسه، ولو أن المسلمين وغير المسلمين للأسف أساؤوا اقتباسه، ففيه الكثير ليقال عن التعددية الدينية. من المحتمل أن تكون إحدى الآيات الأكثر أهمية هي أن الله خلق البشر من نفس واحدة. لذلك فالإفتراض المبدئي هو أن أصل جميع البشر واحد ومعاً يتشارك سائر الناس هذه الأشياء المشتركة وينشؤون خبرتهم معاً. ثانياً، يؤكد القرآن بأن الله خلق البشر ليكونوا مختلفين. لم يسع لتوحيدهم جميعاً في جماعة واحدة. نطق الله ذلك بصفته إرادته. أراد الله أن يخلق الناس شعوباً وقبائل ليعيشوا مع بعضهم ويتعارفوا ويقروا بوجود بعضهم بعضاً. هذه هي رسالة أساسية في القرآن. بوضوح، فلو شاء الله لجعلهم أمة واحدة، بل شاء أن يبقي الأمم في تنوع وتعددية.

توجد إشارة محددة جداً في القرآن هي أنه ما من أمة إلا جاءها البلاغ. وبما أن كل أمة في العالم يمكن أن تعتبر نفسها موحى إليها من الله، فهذا يجعل جميع الناس رمزياً "أهل الكتاب" لأنهم جميعاً تلقوا الوحي من الله. والآن فإذا كان ذلك تجربة تشاركية حينئذ تصبح الطريقة التي يترجم بها الناس الوحي في حياتهم الخاصة مرة أخرى قيمة تشاركية عبر الزمان والمكان. إن جزءاً من الصعوبة في استكشاف التسامح الديني اليوم هو أن رؤية إن كانت التقاليد الدينية تقر حدود تكوين الأمة في سياقاتها التاريخية الخاصة.

لقد تحدثت مرة في مؤتمر سانت لويس في الولايات المتحدة الأمريكية عن غير حكمة بأن على المسيحيين والمسلمين أن يعلنوا حظراً على التحول بين المسيحية والإسلام. ففي النهاية إن عدد كل من المسلمين والمسيحيين يتجاوز المليار. وقد يكون هذا العدد كافياً في الوقت الحاضر، ويمكن أن يركز كل منهما على العمل مع أولئك الذين ضمن جماعته لا أن يحاول تحويل المزيد من الناس الآخرين إلى دينه. لقد كانت فكرة صعبة، إذ أثنى عليها العديد من الناس واستهجنها بعضهم الآخر. إن جزءاً من الصعوبة بمكان في التعامل مع التقاليد الدينية وهي تحاول قبول مبدأ التعددية هو هل تقر بالحاجة لأن تتجاوز التسامح بمعنى" أنا أسامحك حتى ولو كنت على خطأ". السؤال هو هل هذه التقاليد جاهزة لقبول اعتراف بالآخر أكثر اتساعاً:" إني أقدر وأقر بأن لديك بنية تشكلت من تقليدك الخاص وممارستك في التواصل مع الله" تلك لغة كان من الصعب على المسلمين والمسيحيين خصوصاً أن يطوروها تاريخياً. وقد جاهد كلا التقليدين المسيحي والإسلامي على السواء لتجاوز الاختلافات في حين أن كلاً منهما يرغب في تأكيد تفوقه. إن أحد تحديات المستقبل سيكون إيجاد طرق يستخلص من خلالها كل تقليد الدروس من الماضي التي تساعد على السعي نحو تقارب أكبر لا السعي نحو انقسام أكبر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
عضو مخضرم
عضو مخضرم
مهند أحمد اسماعيل



احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية   احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 11, 2009 6:51 pm

ثقافة التعلم: مساهمات العقائد المختلفة

أود أن أركز ولو للحظة على تجربة الأندلس. في العديد من الطرق إعادة السيطرة على الأندلس ( كما يعرف في التاريخ المسيحي للعصر الوسيط) عام 1492و الشروعبمحكمة التفتيش الدينية يسجل نهاية لإحدى تجارب أوروبة في العصر الوسيط العظيمة في إيجاد مجتمع التسامح. لقد كان ذلك الزمن حين كانت اللغة العربية لغة الغالبية المثقفة من الناس في المنطقة. فقد كتب الباحثون الموسويون الميمونيون واليهود الآخرون الكبار أعمالهم اللاهوتية ليس فقط باللغة العبرية بل بالعربية أيضاً. وبالتالي فهذا التقليد من اللاهوت والتأمل العقلي كان قد انتقل إلى الباحثيين والسلفيين المسيحيين مؤدياً إلى عصر النهضة. توما الأكويني هو مثال جيد عن شخص بدأ بفهم أرسطو ليس بقراءته في المصادر الأصلية بل بدراسته من خلال ترجمة لاتينية لشروح ابن رشد باللغة العربية.

لهذا نرى عصراً حيث المعرفة متواصلة. وقد أقرت التقاليد الثلاثة بفضل الفلسفة اليونانية خصوصاً الفكر الهلنستي. في التقليد الإسلامي، يطلق على أرسطو المعلم الأول لأن عمله لُمس تأثيره الشديد وشموليته الكلية, وبذل المسلمون الجهود التامة ليحاولوا فهم تراث الفكرالعقلاني بين اليونانيين. في الحقيقة، فإن بغداد، وهي أحد الأمكنة التي تذكر في الأخبار تقريباً يومياً، صارت المركز الرئيسي الأول حيث كانت الكتب اليونانية متوفرة بقدر كبير للمسلمين للترجمة إلى اللغة العربية. لقد كان هذا أحد الفتوح العظيمة باتجاه التسامح. يقال بأنه فيما يوجد بيننا أولئك الذين يعتقدون بأن الله أفصح عن ذاته لنا من خلال القرآن، فتلك هي البداية فقط. هناك إمكانية للبناء على هذه المعرفة. وبالتالي، علينا الانفتاح للحكمة مهما كان مصدرها. لذلك كان بناء المجتمع المؤسس على معرفة من هذا النوع في صميم بناء مجتمع تعددي حقيقي.

إن المعهد حيث أعمل هو في طور ترجمة إحدى الموسوعات العظيمة للعصر الوسيط، يعرف العمل برسائل إخوان الصفاء. إنهم مجموعة من المفكرين كانوا في البصرة في العراق، اجتمعوا على فترات منتظمة وأمعنوا النظر في القضايا الكبرى لعصرهم. ومن تلك الدراسات ظهرت الرسائل التي جمعت إجمالاً جميع الموضوعات التي تناقشونها هنا في مجتمعكم. لقد صنفت هذه الرسائل ورتبت وفقاً للمعرفة في جميع العلوم. كان رأيهم أنه إذا اختار المجتمع الإسلامي أن يتجاهل أنظمة المعرفة الأخرى، سيصبح فقيراً بالمعرفة. لذلك يحتاج المسلمون أن يتعلموا من مصادر الحكمة التي كانت موجودة حولهم أياً كانت. فقد شعروا بأنهم إذا أوجدوا موسوعة ما سيوجدون أساساً معرفياً، قاعدة معلومات، يمكن أن ينسج على منوالها المسلمون. هذا في أواخر القرن التاسع وبداية القرن العاشر الميلاديين. وقد جاء معظم ذلك الأساس المعرفي من عصر اليونانيين، سواء أكان تقليداً فلسفياً أم تقليداً طبياً أم تقليد دراسة علم الفلك إلى آخره. فقد استلهمت المعرفة اليونانية بالإضافة إلى الهندية والفارسية من علوم العصر.

إن أحد التمرينات التي أقوم بها حين أقدم محاضرة، خصوصاً للطلاب الذين إدراكهم للاحتكاك بين التقاليد الإسلامية والغربية ليس كبيراً، هو أن أكتب على اللوح العدد 29 بالأرقام الرومانية، ثم أطلب منهم يضربوه بالعدد 19 مكتوباً أيضاً بالأرقام الرومانية على أن يستخدموا في الضرب الأرقام الرومانية. ثم أقدم التمرين نفسه بالأرقام العربية. إنه تمرين لتبيان كيف يبني الإنسان على المعرفة. فقد كانت الرياضيات علماً مارسه القدماء لزمن طويل، لكن حين تعامل المسلمون مع الرياضيات أدركوا أن اليونانين والرومانيين أوجدوا نظاماً لكنه كان له حدود. لذلك تطلعوا إلى الهند من أجل معرفة كيف يفكرون بالقضايا الكبيرة في الرياضيات، وخصوصاً في الأعداد. فلو لم يكن لدينا الصفر، لما حققنا إلا القليل جداً من التطورات التي حدثت في علم الرياضيات في العصر الوسيط بل أيضاً في العالم الحديث.

إذا سرتم عبر الكنيسة ونظرتم إلى الأعلى، فسترون التصميم المروحي الرائع - الفكرة من إيجاد مدخل استقبال وبناء حول هذه العمارة الرائعة ترتكز على المقدرة على فهم كيف تعمل الهندسة. فقد تعارك معها المسلمون بنفس المقدار الذي قام به المسيحيون، ومن التجربة التشاركية تأتي المقدرة لإنجاز عمارة جيدة، نوع العمارة العمودية التي نألفها. كيف تستطيعون أن تبنوا الأعمدة ثم تضعون القبة عليها؟ إن القيام بذلك صعبٌ ما لم يكن لديكم إحساسٌ بالدقة في الرياضيات. تعلم المسلمون هذا من الآخرين لكنهم نقلوه أيضاً، ليقدموا لنا على نطاق واسع بعض النماذج الحقيقية لكيفية إبداع الأبنية.

التعددية والتراث المعماري

إن أحد الأشياء التي ننساها، خصوصاً عندما ننظر إلى هذا الزمن من التركيب المزجي للأبنية، هو أن الأبنية هامة جداً. إن الأبنية على الأرجح هي أحد الأمثلة الأكثر روعة لقيمة التسامح. إنها تتحدث بمجلدات في حين لا تستطيع الأعمال اللاهوتية القيام بذلك. أنا محظوظ لأنه لدينا مركز إسماعيلي في ساوث كينزيغتن في لندن ويقع بجوار متحف التاريخ الطبيعي ومتحف فيكتورية ومتحف ألبرت. هذا المركز موجود في المكان الذي كان سيبنى عليه المسرح الوطني السابق. السؤال الذي توجب طرحه هو إن كانت الجماعة الإسلامية الإسماعيلية ستتمكن من أن تبني بناء يتناسب مع هاتين المؤسستين الرئيسيتين عدا كونه أيضاً تعبيراً عن الهوية الإسلامية.

عندما أتحدث عن هذا البناء- و تتاح لي فرصة القيام بذلك أحياناً، عندما تقوم الـ بي بي سي بجولاتها على المنشآت المعمارية في لندن- أشير إلى أن مبدأ التسامح أُفصح عنه معمارياً وذلك بتمكين وجود مشهد عام حيث تحتضن الثقافات بعضها بارتياح؛ حيث لايظهر أي بناء مشوه للمشهد الثقافي العمراني لتلك المنطقة. من الممكن أن يكونوا قد قرروا أن يبنوا هناك نسخة عن تاج محل ليبينوا أنه عمارة إسلامية، لكن تاج محل موقعه في الهند وليس في لندن. إن جزءاً من الطريقة التي نتعلم بها من بعضنا هو إيجاد أماكن طبيعية تسمح بالتفاعل والتواصل بين التقاليد الثقافية. ففي العام الماضي شاركت بعض الأبنية الهامة في ساوث كينزنغتون في تبادل ثقافي عبر برنامج للموسيقا والثقافة.

إن المساهمة الرائعة للمسلمين في الأندلس هي على الأرجح مكان جيد لنتعلم منه ذلك، وهو إيجاد الأمكنة التي أحيت ما مضى من تلك التقاليد. فعندما بُني مبنى الكابيتول في واشنطن كرمز لهوية جديدة، أو عندما أعيد بناء باريس بعد الثورة الفرنسية، بحث المهندسون الإنشائيون عن الإلهام المعماري. لهذا تطلعوا إلى الوراء إلى الرومان لأنهم رأوا ذلك باعتباره المنهل الذي تنبع منه هذه القيم الجديدة والإلهامات الجديدة. لحسن الحظ، لم يجردوا التراث الضخم من المسيحية في فرنسا، لذلك تبقى الكاتدرائيات مثل شارترز أو نوتردام أمثلة عن كيفية بقاء العمارة منسجمة عبر الزمن، وتصبح ليس مجرد نماذج أثرية بل أيضاً باقية دائمة.

إن أحد الأمثلة الذي أتذكره بوضوح عن كل من التعصب والتسامح يأتي من حرب البوسنة. يوجد جسر في موستار، بني أثناء العصر العثماني، يربط الجسر بين المجتمعات التي كانت مسيحية ومسلمة بالإضافة إلى تلك الجماعات التي كانت كاثوليكية وأرثوذكسية ضمن المجتمع المسيحي. وقد فُجر الجسر ودُمر أثناء الحرب. وبطريقة ما سجل هذا الفعل مبدأ تفريق الناس، بالقول، "قد يكون لديكم تاريخ مشترك لكن من الآن فصاعداً سيكون لديكم تاريخ بحدود معينة، ولن تتشاركوا الأشياء بعد ذلك. ستتخلصون من هذه الأمكنة حيث اعتدتم الإجتماع، إنها ترسخ اختلافاتكم". لحسن الحظ، فقد قررت المجتمعات في ذلك الجزء من العالم أنها أرادت ترميم ذلك الجسر ورممته. إنه أحد المشاريع ضمن برنامج ثقافي تدعمه شبكة الأغاخان للتنمية. ومرة أخرى، يؤدي هذا النوع من الرمزية تعبيراً واضحاً ثابتاً خصوصاً في مناخ حيث يرغب الناس في تفاقم الاختلافات وخلق الانقسام.

التعددية الثقافية في التجربة البريطانية المعاصرة

المجال الآخرالذي أود خصوصاً أن أشير إليه هو مجال تصبح به المفاهيم التشاركية للمعرفة أدوات لبناء التسامح. إنها تبدو خصوصاً هامة في نوع العالم الذي اشتهر بما يسمى بريطانيا المتعددة الثقافات. أنا أعرف أن التعددية الثقافية حققت الكثير من التقدم حالياً، ربما تحقق بعضه لأسباب مبررة، لكن علينا الاعتراف لأنفسنا أن المشهد الديني والثقافي لبريطانيا قد تغير. إنه ليس ذلك الذي كان ثابتاً، بل كان دائماً متغيراً .

لقد كانت أحد الإيجابيات للخضوع للتجربة الاستعمارية، وأن أترعرع بما كان يسمى حينئذ الاستعمار البريطاني لكينيا، هو أنني تعلمت على يدي معلمين بريطانيين متنوعين. الشخص الذي علّمني اللغة الإنكليزية والأدب الإنكليزي كان من ويلز، ومدير مدرستنا كان إيرلندياً والشخص الذي لم يستطع أن يلهمني دراسة العلوم الحيوية كان اسكوتلندياً. لقد كان لي في نشأتي تجربة تتأثر ببريطانيا وعلى الأرجح فقد كانت مختلفة عما حصل عليه الآخرون، لأنني رأيت في سلوكيات أساتذتي أسلوباً خاصاً في مواقفهم وتعبيراتهم وأحياناً في تمسكهم الشديد بمعتقداتهم فكرة عمّا كان يعني لهم أن تكون إسكتلندياً وويلزياً وإيرلندياً. هذه مبادئ في بريطانيا كانت تحتاج إلى التوفيق مع الزمن.

لقد سمعت من أليكس سليمون، عضو الحزب الوطني الإسكتلندي، عبارات عاطفية قوية عما سيفعل إذا ما وصل حزبه إلى السلطة. أشياء مشابهة سمعتها أثناء دراستي في جامعة مغيل في مونتريال. فقد كان هناك في كيوبك حركة انفصالية قوية من عام 1968- 1971مازالت مستمرة، وهي مشكلة بالنسبة لكندا. من هي كنذا؟ هل هي انكليزية؟ هل هي فرنسية؟ هل هي الاثنان معاً؟ حسناً، إنها الآن مختلفة جداً عما كانت عليه عام 1970 عندما كنت هناك؛ لقد أصبحت تعددية بحق. لذلك فعلى البلدان أن تتوقف عن التفكير بالانقسامات. قد تكون هذه الانقسامات موروثة من الماضي، لكن يجب تجاوزها الآن.

إن أشياء إضافية بدأت تغير المشهد العام لبريطانيا و، في هذا السياق الخاص، أثير السؤال عن كيف يمكن للإنسان أن يطور فكرة (الهوية) البريطانية. تأثيرات جاءت من أنحاء مختلفة من العالم، خصوصاً من أفريقيا وجزر الكاريبي. هذه التأثيرات تؤثر حتى على نهج الكنيسة الأنكليكانية. منذ عهد قريب جداً، عقد اجتماع في تنزانيا لمناقشة القضايا المقلقة التي تواجهها الكنيسة الأنكليكانية عند الاعتراف بالأساقفة اللواطيين. إنها قضية حساسة بالنسبة للكنيسة، لكن ردود الفعل عليها لم يعد يمكننا أن يخرج ببساطة من انكلترا أو من قصر لامبث. يجب أن تأتي ردود الفعل أيضاً من نيجريا وكينيا وهلم جرا. إن مبدأ الحوار عبر الثقافات موجود حالياً فيما أدعوه التجربة البريطانية. فضلاً عن ذلك، يجب على الإنسان أن يتلاءم مع حضور السيخ والهندوس والزرداشتيين والمسلمين.

متى رأيت ثلاثة أو أربعة أمكنة ثقافية متنوعة متنافسة، أعود بالذاكرة إلى المكان الذي نشأت فيه. فقد كان معظم تعليمي في ممباسا المدينة الساحلية في كينيا. ومثل بقية المدن الساحلية لاتنظر ممباساً إلى الوراء إلى أراضي الداخل؛ إنها تنظر عبر المحيط . أتذكر نشاتي في بيئة حيث كان يعيش معنا إجمالاً أناس من جميع الأديان ومن جميع المذاهب الدينية ضمن الإسلام. كان هناك السنّة والشيعة والزيدون من اليمن والأباضيون من عمان، طوائف لا يعرف أغلب الناس حتى فيما إذا كانت توجد في العالم الإسلامي. نشأنا في هذه البيئة من دون التفكير فيما إذا كان الإنسان على صواب أو الآخر كان على خطأ. لقد كانت أماكن عبادتنا قريبة من بعضها؛ كان باستطاعتي السير على الأقدام من المسجد السنّي إلى المسجد الإسماعيلي بمسافة تقدر بـ20 يارداً، لقد كان الانتقال سهلاً. أستغرب أحياناً، مستخدماً تصور وليام بليك، إن كنا عشنا في ميدان النقاء والصفاء إلى أن أصبحنا ملوثين بالتجربة وبدأنا نقر الاختلاف. بدأنا نفصح عن الاختلاف وربما نفاقمه.

لذلك إن إحدى القضايا التي أود أن أثيرها أمامكم هي فيما لويمكن لطبيعة الحوارات التي تجري هنا والتي تجري في المؤسسات الأكاديمية أو بين الطبقة المفكرة أن تتلمس هذا المشهد المتغير. ففي باث، العمارة الجيورجية هي ظاهرة حديثة نسبياً. لم تكن لديكم العمارة الجورجية دائماً، كانت لديكم فقط منذ العصر الجورجي، مع ذلك جاء الوقت لتحديد هوية مدينة باث. وبطريقة مشابهة، قد يبدأ الإنسان بالنظر إلى التعددية في المجتمع البريطاني ويقول هل ينتج شيء ما من هذا النوع من العمارة الثقافية، حيث توجد لغة ومفردات مشتركة تؤدي إلى تحديد الطريقة التي يرتبط الناس ببعضهم من خلالها. إنها تجربة وتحدٍ جديران بالمواجهة لأن بقدرما تتركهما تتحجر التقاليد وتتطور أفكار الجفاء وتشتت الانتماء.

ملاحظات ختامية

بالنسبة لي حين استحضر الفترة التأسيسية من التاريخ الإسلامي فإن ما أكتشفه أن النبي محمد أكثر ما يتحدى هو القبلية الضيقة لقومه. قدم لهم إحساساً بالتاريخ التشاركي. لقد فكروا بأنفسهم بأنهم قبائل عربية مقيدة بتقاليد أجدادهم. فذكّرهم بشيئين.الأول هو أنهم كانوا مرتبطين بالآخرين لأنهم بشر تشاركوا في إنسانية مشتركة. الثاني هو أنهم عاشوا بين اليهود والمسيحيين الذين تشاركوا معهم في الأصول الإبراهيمية المشتركة. إن استعادة ذلك المصطلح والوعي هو ما أراه على الأرجح أحد أعظم مساهماته.

فإذا كان على المسلمين أن يتعلموا شيئاً من نبيهم هو أن توجد لغة التسامح، والاحترام والاعتراف المتبادل في التجربة الإسلامية- (إن) الحديث عن الجفاء والصراعات الحضارية ليس التجربة الغالبة للتاريخ الإسلامي؛ بل هو تجربة الأقلية، وهي تجربة فشلت دائماً. ما نحتاج أن نبدأ القيام به هو أن نعدد خطابنا الخاص حول القصة الجديدة. فقد بدأت بالإشارة إلى المشاكل التي حدثت أثناء الانحلال، في عهد هنري الثامن، وتحدثت عن الرق، لأنها تقدم أمثلة عن كيف نتجاوز الأحداث. إننا ننمي تجاربنا المشتركة لغة تسمح لنا ببناء الجسور ولاتسمح للأسوار بأن ترتفع.

أريد أن أختم بالإشارة إلى قصة ضمن التقليد الإسلامي نسبت إلى صوفي عظيم هو فريد الدين العطار الذي يصف بطريقة ما القضايا التي أمامنا اليوم. يسمى كتابه منطق الطير. في هذا المثال يعامل الطيور على أنها أمة. تتجمع طيور من مختلف أنحاء العالم لتسأل نفسها سؤالين. أولاً وقبل كل شيء ماذا يعني أن تفكر بذاتك كطير؟ بعبارات أخرى ماهي, ’الطيرية‘؟ ثانياً إذا كان لتلك الطيرية أي معنى، فماهو الشيء المشترك؟ كيف يمكن للإنسان أن يحدد ما هو تشاركي؟

توجد طيور كثيرة تجادل بأنها راضية عن طبيعتها. إنهم يعرفون طبيعتهم الفريدة وهم الببغاء والنعامة والطاووس. إنهم يشعرون بالراحة هكذا وهم مترددون بالانخراط بالحديث عن الطبيعة ‘الطيرية’ والصفات التشاركية العامة. ويغادر الكثير من الطيور المؤتمر وهم سعداء للعودة والحديث لطيور فصيلتهم عن ميزاتهم الخاصة. لكن بعض الطيور ظلت ملتزمة وبدؤوا رحلة البحث عن أجوبة لمعضلتهم. وقد وصف فريد الدين العطار هذه الرحلة في منطق الطير بأنها بحث عبر سبعة أودية وسبعة جبال. ففي كل مرحلة من الرحلة تحطم جزءاً من تجربتها المحدودة وتتركه وراءها. وفيما تتقدم هذه الطيور فهي تعزز الرابط المشترك فيما بينها.. لكنها لا تحصل على جواب مباشر لما يبحثون عنه. في النهاية عندما يصلون إلى ما يعتقدون أنه هدفهم النهائي، يرشدون إلى باب حيث يعتقدون بوجود شخص خلفه ما سيقدم لهم الإجابة. ينتظرون طويلاً ولايأتي أحد. إنهم لايتلقون جواباً ويدركون أن لا أحد قادم. لذلك يجلسون في الغرفة ويتأملون تجربتهم. وفيما هم يتأملون، يصبحون واعين للحاضر بصفته التعددية، كما اكتشفوا إنسانيتهم التشاركية وتعلموا كيف يعيشونها ويعرفونها بصفتها رباطاً روحياً وأصلاً مشتركاً.

لقد بقي ثلاثون منهم أحياء. إن ترجمة كلمة ثلاثين بالفارسية هي سي والطيور هي مورغ. لذلك يرون أنفسهم وكأنهم السيمورغ الثلاثون طيراً. في حواراتهم الأصلية قيل لهم بأن طيراً اسطورياً يدعى السيمورغ سيزودهم بالجواب عن هويتهم وطبيعة أصلهم . وكذلك وهم يتأملون بتجاربهم والأشياء العامة التي يتشاركون بها، يدركون أن الهوية هي ذاتهم؛ إنهم السيمورغ. ربما سيظهر من بحثنا المشترك وحوارنا المشترك لغة تمكننا من محاربة التعصب لزمننا.
وشكراً لكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهند أحمد اسماعيل
عضو مخضرم
عضو مخضرم
مهند أحمد اسماعيل



احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية   احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 11, 2009 6:58 pm

هذه نسخة منقحة طبق الأصل لمحاضرة ألقيت على مجموعة بقضايا العالم في باث رويال، المؤسسة العلمية الأدبية ،19 آذار 2007
البروفيسور عظيم ناجي

معهد الدراسات الإسماعيلية
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
دعد مبارك قنوع
عضو مميز
عضو مميز
دعد مبارك قنوع



احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية   احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 12, 2009 1:13 pm

شكرا اخي مهند اعجبتني هذه المحاضرة كثيرا فيها من العلم الذي يروقني جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
احتواء التعصب الديني : منظور من السياقات الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
READZ :: قسم الاخبار والنشاطات :: منتدى اخبار و نشاطات الامام الحاضر-
انتقل الى: