في مدينة جنيف السويسرية أنشأ الآغاخان عام 1978 مؤسسة أطلق عليها اسم ( جائزة الآغاخان للعمارة ) وهي أكبر جائزة معمارية في العالم حيث تبلغ قيمتها نصف مليون دولار ، وتهدف إلى تشجيع اتجاه العمارة الحديثة المبنية بروح الإسلام .
تستلهم الجائزة ، التي تمنح كل ثلاث سنوات لمشاريع معمارية ، ذلك الإرث الكبير من العمارة الذي أرخ لحضارة اقترنت مع التطور البشري ، وتماشت معه في كل أنحاء العالم الإسلامي ، وتركت بصماتها هنا وهناك نقاط ضوء تهدي إلى الجذور التي أسس لها مبدعون ، يسلمون رايتهم لمبدعين جدد .( الفنون ) تلقي الضوء على بعض المشاريع التي نالت الجائزة .* تمنح جوائزها للمشاريع المحلية المتميزة *
* جائزة الآغاخان والعمارة الإسلامية الحديثة *
نزار شاهين --- سوريا ( لا يمكننا التراجع إلى الوراء ، لذا علينا أن نسترجع الأنماط المعمارية القديمة ونمضي بها متحركين إلى الأمام ) .
( إن الفراغات المكانية المتنوعة في البيت العربي تتلاقى لقاء وكأنه تجمع من قبل الموسيقى ، فالنغمات تتوافق بانسجام علوا ً وانخفاضا ً ، وعلى فن العمارة أن يحذو حذو هذه الموسيقى ) .
الأقوال السابقة لشيخ المعماريين وصاحب نظرية عمارة الفقراء المعماري حسن فتحي ، الذي تقودنا أقواله إلى التساؤل عن ماهية العمارة .
يقوم العمل المعماري نظريا ً على التقاء ثلاثة عوالم : عالم الواقع المرئي الذي منه ينطلق العمل ومنه تستعار مواده ، وعالم الصيغة : أي الضرورات التي أوجدت العمل والمادة التي يبنى بها العمل ، وعالم المشاعر والخواطر التي تدفع وتطبع المعماري والإنشائي الذي يريد تنفيذه .
أما الواقع الخارجي فيفرض نفسه على المعمار منذ البدء ، بل يقدم له أحيانا ً برنامج عمله ويزوده بالمهمة المطلوب إنجازها والمكان المطلوب إشغاله والحيز المطلوب استخدامه ، وكل ذلك لا يتم إلا بإبداع المعمار وجرأته وتطوره .
* تطور العمارة الإسلامية *لم يعرف العرب المسلمون العمارة بجماليتها ووظائفها إلا بعد أن خرجوا من شبه الجزيرة العربية ، حيث بدأت مرحلة تلا قح الثقافات من خلال احتكاكهم بالأمصار التي فتحوها ونشروا الإسلام فيها ، وقد بدأت هذه العمارة تميزها في القصور التي حوت الحكام والخلفاء أو ولاتهم وأعوانهم والطبقات الموسرة ، بينما بقيت العمارة الشعبية ضمن الإطار الموروث لعادات الشعوب وتقاليدها ، وبقيت نمطية تحقق أسباب العيش اليومي .
لقد امتدت هذه العمارة على شريط طويل من خليج البنغال حتى المحيط الأطلسي ، وقد لعبت عدة عوامل منها المناخية والجغرافية والمحلية لتجعل لهذه العمارة خصائصها ، وقد أدى تجميع العمال من مختلف أمصار الإمبراطورية الإسلامية واختلاطهم في ورشات عمل واحدة إلى تكوين مدرسة أولية كانت نواة لمدارس مستقبلية نضجت بالتدريج نتيجة هذا الاختلاف . ولا تزال القصور التي شيدها الأمويون في بلاد الشام ، بعد الازدهار الاقتصادي ، خير شاهد على التوسع العمراني في تلك المرحلة . وقد أحصى ( جان سوفا جيه ) ما يقارب الثلاثين قصرا ً نذكر منها : قصر ( الحير ) شمال شرق مدينة تدمر ، وقصر ( عمرة ) الذي اكتشفه العالم النمساوي ( موزيل ) سنة 1898 شرقي نهر الأردن ، وقصر ( المشتى ) و ( الخزانة ) وقصر ( الطوبة ) شرق البحر الميت وقصر ( المفجر ) قرب أريحا وقصر ( المنيا ) شمال بحيرة طبرية .
وقد كشفت الزخرفة التي استخدمت في القصور والمنشآت التي تعود إلى تلك المرحلة عن استخدامها عناصر ذات تأثير من الفن الهليني والفارسي ، فالزخرفة في قبة الصخرة والمسجد الأموي في دمشق – وهما من أهم وأقدم الأبنية الإسلامية التي ما زالت قائمة – تقوم على الفسيفساء المؤلفة من مكعبات صغيرة من عجينة الزجاج الملون والمذهب والمطعم أحيانا ً بقطع من الصدف وهي تقنية بيزنطية ، وقد شغل الفن الإغريقي والروماني النصيب الأوفر في تزيين قبة الصخرة ، غير أن بعض الصيغ قد تكشف عن تأثير فن فارسي ، أما المسجد الأقصى فإن المنحوتات الخشبية التي توجد على سقف الجناح الأوسط يمكن أن تعود إلى عهد الأمويين .
بعد تهشم الدولة الأموية ، على أيدي العباسيين سنة 750 م ، انتقلت الخلافة إلى بغداد القريبة من المدائن عاصمة الفرس القديمة ، حيث نلاحظ ازدياد النمط الفارسي الذي بدا تأثيره واضحا ً في العمارة مثل ( كش ) في العراق و ( دمغان ) في بلاد فارس ، وتمكننا مدينة ( سامراء ) التي بناها المعتصم من التعرف على نمط العمارة السائدة ومنها قصر ( الأخيضر ) إلى الجنوب من بغداد ، و ( الجو سق الخاقاني ) الذي شيده المعتصم بن هارون الرشيد ( 836 ) م ، وقصر ( بلكوراه ) الذي شيده المتوكل العباسي ، وقصر ( العاشق ) الذي شيده المعتمد ، وعلى رغم أن تزيينات هذه القصور وزخارفها تميزت بأساليب متعددة الصيغ ، منها النباتية التي أخذت شكل الكرمة التي انتشرت في الزخرفة الأموية ، أو الهندسية التي كانت حاضنا ً للكثير من الزخارف .
وهناك العمارة التي ازدهرت في مصر في عهد أحمد بن طولون ، ولعل أهمها المسجد الذي سمي باسمه ، والمدينة ذات التقسيمات التصنيفية ، وقد أقام لنفسه بلاطا ً مصغرا ً عن بلاط العاصمة سامراء ، وقد عني بالعمارة الدينية والمدنية التي ما زالت بقاياها تشهد بذلك .
أما الفاطميون فقد بنوا لأنفسهم مدينة المهدية ، وحين انتقلوا إلى مصر بنوا مدينة القاهرة ، وكانت تضم فقط مجموعة قصور الخليفة وأهله ، ولم تحتفظ القاهرة بمنازل خلفائها الفاطميين ، إلا أن عمارة المدينة التي توسعت كثيرا ً ، سواء الدينية أو المدنية ، فما زالت موجودة خصوصا ً في الأبواب والأسوار والمساجد والحصون ، وما زال الجامع الأزهر ، وهو أول جامعة إسلامية ( 972 ) م باقيا ً يشهد بهذا التطور . ويبدو تأثير عمارة بلد الوزير بدر الجمالي ، الذي عين عام 1074 م ، من قبل الخليفة المستنصر ، جليا ً من خلال المنشآت التي بناها ، وقد سجل العصر الفاطمي في تاريخ العمارة والزخرفة الإسلامية أهمية بالغة ليس فقط في روعة المجموعات الزخرفية ، بل وفي انتخاب العناصر التي دخلت إلى هذه الزخرفة وأسلوب استخدامها وهي تتسم بالبساطة والتقشف ، وفي مئذنة الحاكم 1003 م تشكيلات من الخطوط لها ملامح إسلامية كما في محراب السيدة نفيسة والسيدة رقية الذي أنشئ عام 1150 م وقد غلف كلاهما بالكامل بزخرفة لها نمط الزخرفة الإسلامية ، وقد انتقلت أنماط هذه العمارة إلى المغرب . أما الأيوبيون فإن عمارتهم كانت امتدادا ً لنمط التغيير الذي أحدثوه في مصر ، وعلى رغم أن دراسة تلك العمارة بقيت متشابكة مع عمارة المماليك إلى حد ما ، فإن التأثير الفاطمي ظل في العمارة المملوكية التي تخالطت مع العمارة التركية وخصائصها سواء في البيوت أو المساجد ، وقد بقي كثير من هذا الاختلاط حتى اليوم .
وجه العرب ضربة مميتة إلى الإمبراطورية البيزنطية ، وفتحوا بين عامي ( 633 – 698 م ) جميع ممتلكاتها الشرقية من سورية حتى إفريقيا الشمالية ، إلا أن تقدمهم أحبط في أوروبا في ( بواتييه ) عام 732 م ، ولذا لم تستطع العمارة الإسلامية اختراق أوروبا إلا من خلال الجيب الذي أحدثته في إسبانيا ، مهددة بذلك نمط العمارة السائد فيها . استمر التيار القادم من الشرق متجها ً إلى الغرب وتقدم بصيغه ليشمل المغرب وينتقل إلى الأندلس وفي العام 1910 م كشف عن هذه الصيغ من خلال التنقيبات التي قام بها المعمار الأسباني ( فلاسكز بوسكو ) وذلك في مدينة الزهراء التي تقع على بعد ثمانية كيلومترات من قرطبة ، وهي من منشآت الخليفة عبد الرحمن الثالث ( 936 م ) وقد كانت نموذجا ً للقصور الأموية في الأندلس ، وقد ذكر المقريزي أنه اشترك في بناء مدينة الزهراء مشارقة وفدوا من بغداد ودمشق والقسطنطينية ، وأحدهم من الإسكندرية ويدعى ( علي بن جعفر ) . وأقام المنصور قصرا ً آخر عام 978 م سمي بالزاهرة ، أحاطت به قصور الأغنياء والمغنين والشعراء ووصف المؤرخون القصور التي أنشأها الأمراء المغاربة في فا س وتلمسان وتونس ، فذكروا بهاء الحدائق وبرك المياه والنوافير والقنوات .
أما قصر الحمراء فهو قصر وحصن ملكي يتوج بجدرانه الحمراء كتلة مربعة تهيمن على وادي ( دارو ) ومدينة غرناطة ، غير أن جزءا ً كبيرا ً من المنشآت الإسلامية قد أزيل منه ، وقد أنشئ هذا القصر مع أبراجه وحمامه وصحن الأسود والقاعات المحيطة به في عهد كل من يوسف الأول من أسرة بني نصر وابنه محمد الخامس ، ويلاحظ التطور الزخرفي في عهد الأخير ، حيث يبدو من الواضح دخول مفردات جديدة بعيدة عن الرقش العربي .
على مرتفع مجاور للحمراء تقوم جنة ( العريف ) وهي من المنشآت التي قام بها ملوك بني نصر وفيها أجنحة وأروقة محاطة بحدائق جميلة ترويها قنوات مائية ونوا فير ، أما التنقيبات التي جرت في قصر الموحدين في مرسيه فتظهر خصائص العمارة الشرقية . أما مسجد قرطبة الذي أرسى أساسه عبد الرحمن الأول ( الداخل ) عام 785 م ، فكان على نسق المسجد الأموي تملؤه غابة من الأعمدة تزيد على 600 عمود وعضادة وقد أوجد المهندسون حلولا ً لاستخدام الأعمدة القصيرة فأقاموا بعضها فوق بعض ، وربطوا بينها تارة بأقواس مزدوجة أحدها فوق الآخر ، وتارة جعلوا هذه الأقواس تلتقي وتفترق في مجموعة من الأقواس الصغيرة .
إن أنماط العمارة الإسلامية التي تستلهم منها الآن أنماط جديدة تتناسب والتطور الذي أخذ في العالم الإسلامي ، سواء الإنشاءات التي لها طابع فردي أو المجموعات العمرانية الرسمية أو العمارة الشعبية بخطوطها البسيطة ، والتي بدأت تتضح في مجملها مع فهم جديد لمعماريين جدد ، يغرفون من تراث العمارة وخصوصيتها أنماطا ً لها هوية حقيقية تشير إلى حضارة من الممكن جدا ً أن تعود .
* الجائزة * الآغاخان يتوسط لجنة حكم الجائزة للعام 2001
أنشأ الآغاخان في عام 1978 م في جنيف مؤسسة سميت بجائزة الآغاخان للعمارة ، وهي أكبر جائزة معمارية في العالم تهدف إلى تشجيع اتجاه : عمارة حديثة بروح الإسلام ، وذلك من خلال منح جوائز كل ثلاث سنوات لمشاريع معمارية وتبلغ قيمة الجائزة 500 ألف دولار تمنح في كل دورة ترشيح ، وقد قدمت الجائزة الأولى في عام 1980 م ، ويشمل أيضا ً برنامج المؤسسة حلقات دراسية تقام في أماكن مختلفة من العالم الإسلامي لتساهم في تعميق اتجاه الجائزة الفكرية ، وقد خصصت جائزة لأفضل معمار سميت بجائزة رئيس اللجنة ، وتكرم فيها الجائزة معمارا ً محليا ً يسعى إلى عمارة واعية بجذور الأرض وعطاء التقدم في شبه مدرسة معمارية يمثلها ( حسن فتحي – مصر ، ورفعت الجاد رجي – العراق ) .
تبلورت الجائزة في ثمانية اتجاهات يشهدها العالم الإسلامي اليوم وهي :
1- المجال الاجتماعي لتطوير فن العمارة المستقبلي .
2- السعي نحو تحقيق الانسجام مع الإطار التاريخي .
3- المحافظة على التراث المعماري التقليدي .
4- الترميم وإعادة التعمير .
5- البحث عن استخدام معاصر للغة المعمارية التقليدية .
6- السعي نحو الابتكار والإبداع .
7- البحث عن أنظمة وطرق البناء الحديثة .
8- العمارة الشعبية .
وسنتعرض في هذا المقال إلى بعض النماذج الفائزة بالجائزة :
* الأبراج المائية في الكويت *أنجز مشروع الخزانات البرجية في الكويت في يناير من عام 1976 .
1- المصممون : سينيه ليند سترم وآخرون – ستوكهولم السويد .
2- التنفيذ : شركة الاتحاد الهندسي .
3- الجهة القائمة بالمشروع : وزارة الكهرباء والمياه في الكويت .
منحت جائزة الآغاخان لمشروع الأبراج في عام 1980 م تحت اتجاه ( السعي نحو الإبداع والابتكار ) .
* المشروع من الناحية الإبداعية والمعمارية *إن تطويع الكتل المعمارية وتجريدها من صلابتها وبث روح جديدة آسرة فيها وترتيبات التناظر بينها ، أكسبت الأبراج شكل النصب التي ترتفع في رشاقة كأنها عائمة في الفراغ الكبير الذي يولده اتساع الصحراء ، الصحراء المهزومة أمام المساحات الخضراء التي تفرشها المدينة المتنامية في كل خطوة تخطوها وهي تقترب من البحر أو تبتعد عنه . هذه الكتل – ذات التخالط المدروس والمتفاوتة الارتفاع والأحجام المتباعدة والمتقاربة ، التي أخذت شكل الفطر المشبع بماء الحياة أو الكرات المعلقة في رحابة الفضاء – شكلت علامات على مدا رج موسيقية وهمية أبدعتها تكنولوجيا تحاورت مع الفن وفلسفته وانساقت في هواه ، وإن كانت – هذه الأشكال – قد سلبت الآبار الغائصة في عمق الأرض وظيفتها في إرواء عطش المدينة ، وقلبت معادلة عمرها مئات السنين بأن جعلت سافلها عاليها ، إن ذلك جرى بفعل فاعل ، إنه المعمار الديناميكي والمبدع الذي حرك الفراغ بكتل بدت كأنها قد بدأت حوارها للتو .
يبلغ عد الخزانات المصنوعة من البيتون ثلاثة وثلاثين خزانا ً سعتها من المياه العذبة مائة ألف متر مكعب توزعت حسب احتياجات المدينة لاستهلاك المياه ، وقد توزعت في نمطين معماريين متقاربين إلى حد ما ، الأول أخذ شكل نبات الفطر وهو الأكثر عددا ً وانتشارا ً ، والثاني أخذ أشكالا ً كروية ارتفعت معها مسلة .
النمط الذي أخذ شكل نبات الفطر تقاربت دوائره في سطوحها العليا ، بينما تفاوتت ارتفاعاته . النمط الذي أخذ شكل الكرات انتشر في ثلاثة أبراج أخذت موقعها على خليج الكويت وقد سميت باسم أبراج الكويت ، البرج الرئيسي يحمل كرتين متتابعتين ويبلغ ارتفاعه 185 مترا ً ، الكرة الأكبر يبلغ ارتفاعها 75 مترا ً وتحتوي على مطعم وصالة ولائم وحديقة داخلية وكافيتيريا ، الجزء الأسفل من الكرة هو عبارة عن خزان سعته المائية 4500 متر مكعب تقريبا ً ، الكرة الأصغر يبلغ ارتفاعها 120 مترا ً تقريبا ً تحتوي على مرصد دوار ومقهى . البرج الثاني الذي يحمل كرة واحدة هو عبارة عن خزان ماء ، تتسق مع كل من البرجين ، كما أسلفنا ، مسلة من البيتون مزودة بأضواء غامرة تلقي إضاءة خاصة على البرجين ، وقد تخالطت هذه المسلة مع الأشكال المعمارية لإزالة أي بلبلة يمكن أن تحدثها هذه الأشكال بل بدت مرضية ومكملة للبرجين ، وقد كسيت جميع الخزانات بصفائح فولاذية مطلية بالمينا بألوان مشعة تشكل عاكسا ً لأشعة الشمس وتتناغم مع صفاء سماء الكويت .
وقد شكلت الكرات اقترابا ً من القبب الإسلامية ذات السطوح المطعمة بالفسيفساء ، وإن الإصطفاف الذي شكلته الأبراج التي أخذت شكل الفطر بسطوحها الدائرية ، جعلت منها مظلات تغطي مساحات كبيرة وترمي الظل عليها ، حيث استغل ما تحتها كمسطحات عشبية وزراعات تجميلية أعطت الأمكنة خصوصية تفتقر إليها البيئة الصحراوية ، وإذا كانت هذه الأبراج بوظيفتها الجمالية والاستعمالية صارت معلما ً في مدينة الكويت ، فإن ذلك يقودنا إلى القول إن لآلئ الكويت تحولت إلى منشآت جمالية .
* ترميم قبة الصخرة *قبة الصخرة
1- الجهة القائمة على المشروع : لجنة ترميم المسجد الأقصى وقبة الصخرة – عمان .
2- الترميم : عصام عواد ، مهندس مقيم – القدس . المركز الدولي لحماية وترميم الآثار – روما ، مع الاستعانة بخبرة اليونسكو .
3- الإنجاز : سبتمبر 1983 م .
4- الجائزة : 1986 م تحت اتجاه : ( الترميم وإعادة التعمير ) .
يشكل المسجد الأقصى – وهو أحد ثلاثة مساجد في العالم الإسلامي – أهمية كبيرة بالنسبة إلى المسلمين ويعود بناؤه إلى أوائل القرن الثامن ، أما قبة الصخرة التي بنيت من قبل الخليفة عبد الملك بن مروان وذلك في العام 691 م ، فهي عبارة عن دائرة مركزية تحمل القبة محاطة بمجازيين محددين بجدار مثمن ، وهذا الطراز مأخوذ عن العمارة المسيحية ، وهي ذات طبيعة بيزنطية نفذت من قبل فنانين سوريين تعلموا في مشاغل القسطنطينية . أخذ في الاعتبار اتساع الصخرة ودراسة مكان الطواف ، وروعيت النسب المعمارية سواء بالاتساع أو الارتفاع ، وقد شكلت دائرة القبة احتواءا ً للفراغ الواقع تحتها ، وشكل ارتفاعها مع فتحات الإضاءة ترتيبات تناظر وتكرار ترضي قانون الإنسجام الذهني لقدسية المكان وعظمته .
وقد اعتمدت ثلاث مراحل لترميم القبة وهي :
1- إنقاذ ما تبقى ودعمه داخليا ً .
2- التغطية من الخارج .
3- بناء الهيكل الخشبي من الداخل للتغطية بالأرابيسك .
مع بداية العمل بالمشروع جرى الكشف عن زخارف القبة الأصلية التي كانت قد احتفظت ، أثناء عمليات الترميم السابقة ، بطبقات من المواد المستخدمة بالترميم ، حيث أعيدت الزخارف الأصلية إلى وضعها وأعيد تلوينها وأصلح هيكل القبة حيث سدت الثقوب والشقوق بحشوات خشبية وأضيفت طبقة من الجبس مماثلة للأصل ، أما القبة من الخارج فقد تم استبدال الألومنيوم بالرصاص بعد أن أزيلت طبقات البيتون التي أضيفت أثناء عمليات الترميم السابقة ، أما المسجد من الخارج فيوحي بالالتحاق بالعالم الخارجي ، ويلطف الفرق في الطبيعة المحيطة بين العمارة وفراغ المحيط ، حيث يرتسم المكان ويضع عليه المسجد طابعه وتوقيعه بل ويجعله يلتحق به .
بدأت عمليات ترميم المسجد الأولى في عام 1970 م وذلك بتدعيم الأساسات ، واكتملت عمليات الحفر وتنظيم الوثائق للموقع ، واعتمدت في ذلك الخبرة المحلية بعد عملية تدريب على الطرق العلمية لتلك الأعمال ، سواء أعمال البناء أو الطلاء بالذهب وأشغال الفسيفساء والزجاج الرصاصي والجبس وأعمال الدهان والرسم والكسوة بالرصاص .
دعمت كسوة الجدران الداخلية والخارجية ، ورممت الأعمدة التي تضررت بفعل التخريب الذي نجم عن الحريق ، ورممت تيجان تلك الأعمدة كما رممت النوافذ المزخرفة بالزجاج الرصاصي والموزاييك الرخامي والزخارف والنقوش الموجودة على سقف كل صحن أو جزء من أجزاء المصلى في المسجد من فسيفساء ونقوش تزيينية ، إن نظرة متفحصة إلى الزخارف الداخلية تنبئ بأنها مخطط بصري متكامل ودقيق الحساب ، وأنها – بنظامها الرصين – سواء النباتية منها أو الهندسية أو الحر وفية ، حيث تكثر أو تقل تخاطب الذهن بتآلفها ويسلط النور عليها تعاقبات بعيدة عن الغرابة والحيرة ، فهي ليست حركية لها تنقلات مفاجئة بل تسير بتوازن مكمل للعمارة الداخلية .
وعلى الرغم من بربرية الاحتلال الإسرائيلي ، فسيظل المسجد الأقصى وقبة الصخرة أبدا ً رمزا ً عاما ً وذاكرة دائمة في وعي المسلمين فهو مكان الإسراء والمعراج .
إضافة إلى الجائزة ، فإن مؤسسة الآغاخان للثقافة AKTC تعقد بروتوكولات واتفاقات مع الحكومات الإسلامية لتنفيذ مشاريع تمولها المؤسسة ، وتسلم بعد إنجازها إلى السلطات المحلية كالاتفاق الذي تم مع وزارة الثقافة السورية ( المديرية العامة للآثار والمتاحف ) لترميم كل من قلعة حلب وقلعة صلاح الدين ، وكذلك ترميم قلعة مصياف وإحياؤها ، وهي القلعة التي نلقي عليها الضوء في السطور القادمة .