رياض زهرة مدير
| موضوع: المثقف والمتثاقف ما بين ( المطلوب والمرفوض ) للدكتور موفق السراج الثلاثاء نوفمبر 10, 2009 4:15 pm | |
| المطلوب والمرفوض د. موفق السراجبين المثقف والمتثاقف علاقة كما بين العالم والمتعالم, والجاهل والمتجاهل, والغبي والمتغابي, والشاعر والمتشاعر.. الأول هو الأصل الذي ينطبق اسمه على مسمّاه, والثاني هو الفرع المزوِّر – بكسر الواو- الذي يحاول أن يُظهر ماليس فيه, ويدّعي أموراً لاتمتّ إليه بسبب, وعليه فالمثقف هو المطلوب, والمتثاقف هو المرفوض. من منا لم يسمع مثل هذا القول : فلان مثقف , وفلان غير مثقف؟ ولو عدنا إلى المعجم لوجدنا : ثقِفَ الرمحَ أي قوَّمه وسوّاه, والثِّقاف آلة تسوَّى بها الرماح المعوجَّة, والمثقف هو الرمح أيضاً. ولكن كلمة ( مثقف) نستعملها الآن استعمالاً مجازياً دلالة على أن هذا الشخص قد صَلُحت حاله, واستقامت خُلقه, واستوى سلوكه بين الناس, وصارت أكثر تخصيصاً حين حُصر المثقف بذلك الإنسان الذي يقرأ ويستوعب الكثير من المعارف بمختلف ألوانها, ثم منهم من جعل من شروط المثقف أن يكون واعياً لما يدور في بيئته وعصره من أحداث, ومايحاك ضد أمته من مؤامرات ليكون رمحاً في صدر الغزاة. وقد لاأغالي إذا قلت إن المثقف الحق, الذي يستحق هذه التسمية, هو من تجتمع فيه المعاني السابقة جميعاً فيكون على قدر لابأس به من الثقافة المتنوعة في مختلف معارف عصره, وماقبل عصره, كما يكون على خلق حسن, وذا موقف سليم وواضح, بعيداً عن التذبذب والتشويش, وواعياًَ لما يدور في وطنه, وعصره. فليس مثقفاً – بل متثاقفاً- من يجمع الكتب, ولايفيد منها في تقويم نفسه وخلقه, وتشذيب وعيه. وليس مثقفاً من يضع كرامته على الرف, ويريق ماء وجهه على أعتاب الآخرين لتحقيق المآرب الشخصية. وليس مثقفاً من يتشدق بالثقافة, والكذب ديدنه, والرياء شعاره , والخداع والغش سبيله, والأنانية وحب الذات, عنده, فوق مصلحة الوطن والأمة. وليس بمثقف من يحتوي على مكتبة عظيمة ينوء بها مفكر كبير, ثم لايحصل منها على مقبوس ينير بصيرته, مكتفياً منها بترداد الأسماء والعناوين, فهو كما قال الشاعر: كالعيس في الصحراء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمولُ وليس بمثقف أيضاً من يحشو ذاكرته بالمعلومات حتى يُنعت بالمكتبة المتحركة, فلا يتجاوز دور آلة التسجيل, وكأنه ذلك الرجل الذي حفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل ( يقع في ثلاثين مجلداً) عن ظهر قلب, وحين نُقل خبره إلى أحد العلماء, لم ينل منه إعجاباً, ومالبث أن قال : زاد الكتاب نسخة. المثقف ليس واحداً من هؤلاء , وإنما هو من يطلع اطلاعاً واسعاً, ويجني من اطلاعه فائدة لنفسه يقوِّم بها خُلقه, وفائدة أخرى يعي بها مشكلات الإنسان, والأخطار المحدقة بوطنه, وأمته, فيتصدى لها بقلمه, مسخّراً ثقافته في نهضة الوطن, والأمة. بعد هذا الكلام قال لي صاحبي: لقد ( نفخت قلبي) بالحديث عن المثقف وغير المثقف , فهلاَّ حدثتنا بشيء يهم الإنسان, ومايعانيه من قسوة الحياة, والهموم التي يرزح تحتها ؟ قلت له: لو عمَّت الثقافة الحقيقية بين المواطنين, وكَثُر المثقفون الحقيقيون في هذا الوطن العظيم, لساد الوعي عند الجميع, واختفت المشكلات التي تصرخ منها أنت وغيرك إلى أبد الآبدين, لأنها من صنع غير المثقف, وغير الواعي.. وفهمكم يكفي. | |
|