الوراثة
نقل الملكية من ميت إلى حي , بشروط محددة بالقرابة ضمن النظام ولاتهمنا إلا الوراثة كنظام وهو فقط نقل الملكية لمن يجب أن يرث حقيقة .
الوارث هو إما حقيقة ( ولد يرث أحد والديه )
وإما ضمنا ( وارث يرث اسم والده أو والدته )
أما الوراثة التي نريدها فهي وراثة الرسول , فوارث الرسول يرث منه ما يملك وما يقوم عليه من أمور , فالرسول في حياته قيم على القرآن الكريم , يبين ويوضح ويكشف ما يقتضيه الأمر اٌلإلهي وطبيعة المرحلة , فوارثه يقوم بنفس المهمة . وقد جاء في القرآن الكريم التوريث هذا بقوله تعالى :
{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ }فاطر32
في الآية أمر بتوريث الكتاب لمن اصطفى من عباده وهم الوارد ذكرهم في آية الإصطفاء
{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ }آل عمران33
{ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }آل عمران34
ولعله أن يكون واضحا أن جميع الذين اصطفاهم الله في الآية ورثة للنبي محمد ( ص ) وذلك حسب ما هو بين , ولكن السياق الحق أن الورثة هم في نهاية الإصطفاء أي آل عمران , فيكون السياق على هذا النحو .
وكأن أدم ورث نوحا – نوح وَرًثَ آل إبراهيم – وآل إبراهيم وَرثوا آل عمران
لأن كل القيم والفضائل التي أوجدها الله خلال الفترة السابقة على النبي محمد ( ص ) جُعلت في حقيقة محمد التي شعت بالنور الأبدي بقوله تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }الأحزاب56
أي أن الله قد وصل محمدا ( ص ) بالسلف وجعل كل ما فيهم فيه من فضائل ووصله بالخَلف وجعل كل فضائله فيم وما وصل إليه في وِارثيه وهم بالضرورة والحقيقة آل عمران
فمن هم آل عمران ؟ قد يتساءل المرء عن آل عمران وحسب الآية (آية الإصطفاء) هم آخر المصطفين فإذن سيكون حتما الوارث موجودا لحظة انتقال النبي من هذه الدنيا ليرثه حسب الآية . والواضح أن الوارث هو ابن عمران كون عمرن كان قد انتقل للرفيق الأعلى وعمران هو" أبو طالب – عمران بن عبد المطلب – وابن عمران هو علي بن عمران ( علي بن أبي طالب ) الذرية الوارثة بالتسلسل توريثا بالنص الواضح الجلي في هذا البيت الإمامي وبشكل قطعي .
الرسول مصطفى والوارث مصطفى لأنه يجب أن نميز بما لدى الرسول من صفات وعلم عن باقي البشر .
{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83
فالأمر الذي يجيء ويذاع به لايشمل الرسول ولا أولي الأمر" إن الضمير هم لايشمل الرسول وأولي الأمر" فهم غير مشمولين بالخطاب هنا , بل هم خارج هذا الخطاب ولكن الحل الموجود في الحقيقة لديهم ( إذا جاءهم ) أي للناس الآخرين يجدوا الحل الصحيح لدى الرسول وألي الأمر .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59
الطاعة هنا طاعتان طاعة الله وطاعة الرسول وألي الأمر وطاعة الله لا تتم إلا عن طريق الرسول كما قال تعالى
{مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء80
وأولي الأمر مثلهم مثل الرسول وبعد الرسول من أطاعهم حتما أطاع الله لأنهم الورثة بالأمر الإلهي كما سلف , إن الأمر الإلهي هو مطلق الدقة والصواب منسجم بشكل مطلق كذلك لأنه علم إلهي خالص فلا يعقل أن يكون متناقضا فيكون الله ناقصا حاشى وكلا . فهو غاية في الإتساق والدقة والإنسجام , ومقونن بما يليق ولهذا اقتضى أن يكون الوارث مالكا لعلم الرسول لتكون لديه الإجابة اللازمة والصحيحة في الموضع اللازم والصحيح . فهو مثله في كل شيء فلا يعقل أن يرث الرسول من يخطئ ويصيب فيصبح الدين خطا وصواب وتضيع الحقيقة , والوارث في اللحظة التاريخية هذه شخص واحد يسلم ما ورثه بالضرورة لشخص يليه بأمر الله لأنه لايمكن إن يكون ثمة عدة ورثة لأنه كما قال تعالى
{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ }الأنبياء22
فلا يعقل أن يكون القائم بأمر الله أكثر من واحد لأنه يحتمل أكثر من إجابة مما يلتبث ويبهم