تت.
لذلك
الموروث غالباٌ ما يكون هو الأفضل والمفيد والسعيد له والمفيد للمجتمع ,
هذا إذا لم تحدث تطورات كبيرة تؤدي إلى تغيير خصائص هذا المجتمع .
البعض
وجد الدين متناقض مع المعارف العلمية الدقيقة ومع التفكير المنطقي , وأن
هناك عشرات الأدلة الواقعية والمنطقية والعلمية التي تؤكد أن الديانات
جميعها نشأت في مرحلة معينة من تطور الإنسان بعد أن كان يعيش حياة
اجتماعية بلغت حداٌ معيناٌ من الثقافة .
فبعضهم مثلاً يجدوا أن
الاختبار والمكافأة والعقاب لا تتفق نهائياٌ مع تعريف الله , لأنه إذا كان
الله بهذه القدرات ألا نهائية فمن المستحيل أن يقوم بمثل ذلك , فهو العليم
بكل شيء , أي الزمن مفتوح بالنسبة له , وهم يقولون أن هناك الكثير من
البراهين والدلائل التي تدل على عدم وجود ألله كما تقول الأديان .
وكانوا يراهنون على أن الأديان سوف تنتهي في مدة أقصاها خمسون سنة , وهم واثقون من ربح الرهان .
ولكن أغلبهم أدركوا أنهم خسروا الرهان بشكل واضح , فالأديان تزداد قوة وانتشار وخاصة الدين الإسلامي .
فهم لم يحكموا على الأوضاع والظروف بشكل موضوعي ولم يراعوا كافة العوامل والعناصر الموجودة .
فقد
كان هناك الكثير من العناصر والمؤثرات الاجتماعية والنفسية والفكرية التي
لم يحسب لها حساب , وهذا ما جعلهم يظنوا أن الأديان سوف تنتهي .
وكما
ذكرنا أن الأديان عندما نشأت كان ذلك نتيجة لوظيفتها النفسية والفكرية
الهامة جداٌ , وكذلك كان لها أيضاٌ وظيفة اجتماعية هامة وأساسية .
فقد كان لها دور إيجابي فردي ذاتي , ودور اجتماعي و إلا لما تشكلت وانتشرت .
يجب أن نميز بين المفيد والصحيح , لأنه ليس ضرورياٌ أن يكون الصحيح هو المفيد .
ولتوضيح ذلك نورد المثال التالي :
إنسان مريض بمرض سوف يوميته بعد بضعة أشهر , أقرباؤه علموا بذلك هل يقولون له الوضع الصحيح لحالته أم لا .
طبعا
لن يقولون له الحقيقة فالمهم بالنسبة لنا في الدرجة الأولى الأحاسيس
والمشاعر . فما هو تأثير معرفة الحقيقة بالنسبة لهذا المريض إن تأثير مؤلم
, لذلك يفضل اعتماد الكذب أو إخفاء الحقيقة .
وأغلبنا يقول " نريد
العنب وليس ضرب الناطور" أي نريد المفيد والمفرح السعيد لنا بالدرجة
الأولى ثم المفيد والسعيد للآخرين , ثم المفيد للمجتمع ككل .
ونحن نعلم
أن كل شيء و كل بنية موجودة مهما كانت طبيعتها وخصائصها , لا بد من وجود
عناصر وقوى أدت لوجودها , وبما أن الأديان موجودة فلابد من وجود عناصر
وعوامل وجودها .
أن الأفكار والعقائد والعادات .. ( الميمات ) يرثها
الإنسان كما يرث لغته الأم , ومثلما يرث خصائصه البيولوجية من عائلته
أولاٌ ثم من مجتمعه , فهي تنتقل إلى عقله وتتوضع فيه لأنها تلقن له في
بداية حياته .
أن العائلات المتدينة غالباٌ الأجيال الجديدة منها تكون متدينة , وكذلك غير المتدينة , طبعاٌ ليس كلهم .
فهناك
صفات بيولوجية ونفسية وفكرية أيضاٌ , تهيئ الفرد ليكون محافظاٌ أو مجدداٌ
, فالمجدد يمكن أن يطور أو يغير الموروث الفكري ضمن حدود معينة , بعكس
المحافظ الذي يتبنى ما ورثه ويحافظ عليه .
ومن هذا المنظور نجد أن
الديانات التي تدعم الإنسانية ككل وكذلك باقي الكائنات الحية نبات وحيوان
, هي الأفضل , وبهذا تتشارك عدة أديان في أفضليتها .
هل الدين فقط مصدر التعصب والتطرف والعنف
إن
التعصب والتطرف والعنف هم نتيجة الانتماء القوي والمحافظة على المبادئ
الأفكار والعادات المكتسبة والتشدد في التمسك بها , ولا يقبل المحافظ
المتعصب برأي الآخر , ويسعى لفرض مبادئه وقيمه على الآخرين .
وهذا لا نجده فقط عند المتدينين فهو موجود في عدة مجالات , فالشيوعية الستالينية هي تعصب وتطرف والنازية هي تعصب وتطرف ........
فالمحافظة
والتزمت ورفض التطور والتجديد , موجودة في غالبية مناحي حياتنا , وهو ليس
حكراً على مجتمع أو مجموعة معينة أو على ديانة معينة , فهو مرتبط بطبيعة
وخصائص الأفراد .
فالفرد المحافظ والمتشدد والمتطرف موجود في المجال
الديني والمجال السياسي والمجال العلمي والمجال الفني . وكذلك موجود المرن
والمتسامح والمجدد والمتطور .
و يمكن تعريف التعصب والتطرف أيضاً بالأنانية والفردية والعنصرية المحدودة الأفق والانتماءات القوية أن كانت مادية أو فكرية .
فالمحافظة
والتعصب هما خاصية بشرية , لا تحدها حدود معينة، وليسا مرتبطين بالأديان
فقط , وهم ليسا غريبين جداً على الطبيعة البشرية .
وكل إنسان هو محافظ في بعض الأمور ومجدد في بعضها الآخر , وتختلف نسبة المحافظة أو التجديد من إنسان لآخر .
وكذلك تزداد أو تنقص المحافظة أو التجديد حسب الأوضاع التي يمر بها الفرد أو التي يمر بها المجتمع .
ويجب أن ننتبه إلى أن المحافظة أو التجديد يمكن أن يكون كل منهم مفيد ومناسب أو ضار وغير مناسب وذلك حسب الأوضاع والظروف .
أما علاقة المحافظة والتجديد بالصحيح وغير الصحيح فهي بشكل عام ليست حتمية في أن يكوم الجديد هو الأصح .
هناك
تأثير متبادل بين التطرف والأنانية والعنصرية من جهة , وبين اللا تطرف أو
الجماعية أو الغيرية أي العمل في سبيل الآخرين أو المجموع من جهة أخرى أي
الانتماء .
ونتيجة هذا التأثير المتبادل بين التطرف و اللا تطرف ( في
رأيي ) سوف تنتهي إلى توحيد البشرية كلها نتيجة توسع الانتماء المستمر
لينتهي في انتماء واحد " العالمية ".
لماذا هذا الصراع بين الدين الإسلامي والغرب الآن
قي
الظاهر هو صراع بين الإسلاميين المحافظين المتشددين والغرب , لقد مرت
فترات زمنية طويلة تعايشت العقائد الدينية المختلفة مع بعضها ودون صراعات
وهناك أمثلة كثيرة على ذلك , والآن في كثير من الدول تعيش العقائد
المختلفة مع بعضها بسلام ووئام , لكن لماذا يشتعل في هذه الفترة الصراع
بين المحافظين الإسلاميين والغرب بالذات , لأنه غير موجود إلا معهم .
صحيح
أنه حدثت عدة صراعات بينهم , ونحن نعلم أنها كانت غالبيتها ناتجة عن عوامل
وأوضاع ليس لها علاقة بالدين , لماذا عاد ونشأ الصراع من جديد ؟
لقد ظهرت عدة عوامل أدت إلى نشوء هذا الصراع من جديد وهي في أساسها غير دينية أهمها :
1 - بقايا الصراعات القديمة السابقة وهذا في رأي الكثيرين ليس له التأثير الكبير .
2 – وضع غالبية أفراد الدول العربية المظلمين من قبل حكامهم
3 – نشوء دولة إسرائيل وتعامل الغرب مع هذا بطريقة ظالمة وغير منصفة , والكثيرين يعتبرونه العامل الأقوى في نشوء هذا الصراع
4 - إن التزمت والتشدد وضيق الأفق من بعض المحافظين الإسلاميين, وليس له هذا التأثير الكبير الذي يروج له البعض .
ملاحظة :
إن
الدول الغربية التي يعيش فيها جماعات من ديانات مختلفة , تعاني من
المحافظين المتشددين منهم , لعدم اندماجهم في المجتمع , فهؤلاء يحافظون
على لغتهم وقيمهم وعاداتهم ولا يتقبلوا قيم وعادات باقي المجتمع , وهذا له
تأثيرات سلبية على المجتمع ككل .
ومشكلة الحجاب ظهرت نتيجة لذلك ,
فالحجاب موجود منذ زمن ولم يحدث مشكلة , ولكن بعد ظهور مشكلة عدم الاندماج
في المجتمع ظهرت هذه المشكلة لأنها تدل على المحافظة وعدم الاندماج في
المجتمع الغربي .
وصارت أغلب الدول الغربية تطالب بإتقان لغة البلد ( نظراً لتأثيرها الكبير) للحصول على الجنسية .
ملاحظة :
إن كل إنسان , بل كل كائن حي يخلق معه عالمه أو الكون الخاص به عندما يتكون هذا الكائن .
وبالنسبة
للإنسان في الوقت الحاضر نجد أنه بعد أن بلغ مرحلة متقدمة جداً من
التطور والتعقيد , فقد أصبح كل إنسان كون قائم بذاته وذلك نتيجة عظمة
واتساع وتنوع ما يرصد من تفاعلات الوجود , إن كان في المكان والزمان .
إن
هذا يجعل لكل إنسان أفكاره وعقائده و إيمانا ته وحقائقه الخاصة به , و
عندما تعامل الإنسان مع الآخر نتيجة ضرورة الحياة الاجتماعية كان ملزماً
عليه تنظيم وتوافق عالمه مع عالم الإنسان الآخر , وذلك لتحقيق التواصل
الفعال المجدي في تحقيق غاياته وغايات الآخر المتواصل والمتفاعل معه .
فكل
منا يعيش عالمين عالمه الذاتي وعالم آخر يشارك الآخرين به , وقد نمى وتطور
وتنوع العالم العام أو عالم الجماعات والمجتمعات البشرية , وصار يطغي
ويسيطر على العالم الذاتي الفردي ,
ملاحظة :
هناك تشابه كبير بين
استجابات وتصرفات الإنسان من جهة واستجابات وتصرفات الجماعات البشرية من
جهة أخرى, وهناك تشابه بالآليات التي تجري في كلا الوضعين . هناك بعض
الفروق منها :
أن الاستجابات لدى الجماعات البشرية يكون زمنها أبطأ , وهي تكون متناسبة مع أقل الأفراد ثقافةً وعلماً وفكراً .
إن
غالبية التصرفات لدى الجماعات البشرية تنحو نحو التوحيد لعدة أسباب ,
فآليات التواصل تفرض ذلك , وكذلك التشابه الكبير لأهداف ودوافع أفراد
الجماعة وتشابه الأحاسيس والانفعالات البشرية يؤدي إلى ذلك