أين العدالة وكيف تكون
بعد جهد جهيد تمت الموافقة على الطلب بالقيام بهذه الجولة , سارت المراسلة للصحيفة باتجاه المدخل , أمامها مباشرة باب كبير محاط بالحراس غابات كثيفة من أشجار غريبة تحيط بأسوار المكان حيث تخفيها تماما , وصلت المراسلة إلى احد الحراس الذي بادرها أين بطاقتك , أجابت مرتجفة معي موافقة بالزيارة , أجابها نعم أنت المراسلة الصحفية , ادخلي وفتح الباب وعند أول خطوة في طريقي إلى الداخل بادرني رجل يحمل على ظهره جناحين قائلا من هنا وسرت خلفه دون تفكير ... أشجار وحدائق وانهار والكثير من الرجال والنساء والأطفال يلعبون لاهيين دون هدف سوى قتل الفراغ والحصول على جميع الملذات المجانية اقتربت من احد المسنين بعد أن استأذنت ملاكي الحارس بدء التحقيق الصحفي فوافق .... مرحبا أيها الشيخ الجليل أجاب أهلا ماذا تريدين قلت إنا صحفية ولي بعض الأسئلة أتمنى أن تصدقني القول فيما اسأل ضحك الشيخ وقال داخل هذه الأسوار لا يوجد سوى الصدق لقد تم حسابنا وكل ذهب إلى مكانه , قلت له ماذا فعلت بحياتك حتى كان حكمك الوصول إلى هنا , قال لقد كنت ذا مال وجاه وكنت افعل كل ما يرضي الرب ولم أخالف تعاليمه وتبعت رسله وسرت على خطاهم , فقلت هل كنت معصوم عن الخطأ فانا اعرف أن الرسل فقط هم معصومون .. أجاب مبتسما لا لم أكن معصوم فلقد أخطأت ولكن تمت محاسبتي وغفر الله ذنوبي , فقلت مثل ماذا كانت هذه الأخطاء قال سأروي لك حادثة حصلت معي , كما أخبرتك سابقا كنت رجلا مقتدرا واملك المال وقد أعجبتني زوجة جار لدي وهو فقير وزادت لهفتي لتلك الجارة ورغبتي بها إلى حد الجنون فلم أجد وسيلة للوصول إليها إلا بقتل زوجها ولقد افتعلت مشكلة بيني وبينه على أثرها قتلته وبعد أن دفعت لأهله مبلغا من المال تمت الصلحة بيننا وتزوجت زوجته بعد انقضاء عدتها , فقلت مستغربة كيف ذلك تقتل ثم توضع في هذا المكان , فقال لقد تبت إلى الله وبعدها ذهبت إلى الحج وكنت سابقا قد دفعت الفدية المالية التي طلبها أهله وتكفلت بتربية أولاده , وهذا ما غفر لي ذنبي وكما ترين فالله غفور رحيم بعباده .تركت ذلك الشيخ وأنا مستغربة هذا الوضع وسالت عن زوجها الذي قتل فلم أجده في ذلك المكان , تابعت مسيري وطلبت من ملاكي الحارث أن يأخذني إلى القسم الآخر من هذا الصرح العظيم فلبى دون استياء , وعند دخولي إلى ذلك المكان الذي يختلف عن سابقه اختلافا كليا ومتعاكسا رأيت احدهم يصعد على درج ثم يقذف بنفسه من ارتفاع عالي فاستوقفته سائلة إياه عما يفعل ولماذا , نظر إلي برهة ثم أجاب الم ينتهي التحقيق فقلت له أنا صحفية وأريد أن اكتب عنكم , وقف لحظة متأملا ملاكي الحارس وكأنه يسأله هل يجيب فهز رأسه الملاك بالإيجاب عندها قال لي لقد قمت بفعل مشين لقد قذفت نفسي من على شرفة بناء منتحرا وهذا عقابي , سألت متلهفة ولماذا , قال ببساطة لقد كان لدي ستة أولاد وأمهم فقدت عملي وليس لهم معين سواي وبدأت البحث عن عمل ولم استطع إيجاده وزادت مطالب أطفالي وزوجتي حتى وصلت إلى الجوع وعدم كفاية الطعام مما دفعني إلى السرقة واعرف أن ذلك خطا جسيم ولكن لم استطع تحمل رؤية أطفالي جياع فقبضت علي الشرطة وأرادت تطبيق الحد علي بقطع يدي السارقة وإثناء ذهابهم بي إلى المكان المخصص لقطع اليد لم أكن أتحمل أن أعيش مقطوع اليد وبلا عمل ولم أتصور نظرة الناس لي بعد ذلك فغافلت الشرطي وأنا أعلى الدرج وقذفت بنفسي من الطابق الخامس لأتخلص من هذه ألكاس وهذه الحياة البائسة , وعند قدومي إلى هنا حكم علي بفعل قتل نفسي من أعلى هذا الدرج إلى ما شاء الله , نظرت إلى ملاكي الحارث مستغربة متسائلة أيعقل من اجل لقمة العيش المسروقة تقطع يد الفاعل ويعاقب لأنه انتحر خوفا من العار , والقاتل تمحى ذنوبه بدفع الفدية ما هذه العدالة , ابتسم الملاك وقال هذا هو القانون العادل , متابعا ألا تواصلين الرحلة , فقلت اكتفيت أريد الخروج من هنا بما كتبت , فقال ليس قبل أن تمر على الرقابة , أعطيته أوراقي وانتظرت , فذهب وبعد قليل عاد مبتسما قلت له هل تمت الموافقة وماذا جرى ,قال نعم وقد سألني ا ن أصفك له , فقلت له وكيف وصفت وما هو الجواب , قال اختصرت بالوصف وقلت له أجمل من مريم العذراء ...................
حلم ولم تنتهي القصة أين العدالة وكيف سنكون في الحياة الأخرى ........
{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ }الأنعام165